مـعـوقـات الانـتـمـاء الـوطـنـي دراسة في ضوء كتب الحديث الستة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

إن ربانية المنهج الإسلامي الذي جاء في القرآن، والسنة المطهرة، لم يمثل إشكالية لأتباعه بين مصالحهم، ومبادئهم، ولا بين السقف الحضاري الذي يعيشونه في لحظة تاريخية معينة، وقيم الإسلام الثابتة.
فالإنسان في حياته ينتمي إلى دوائر إنسانية متعددة تتكامل ولا تتناقض، هذه الدوائر لم يأت الإسلام ليلغيها تماما ولا لينتقص شيئاً منها على حساب الآخر، فالإسلام ليس دين قبيلة، ولا وطن، ولا جنس قومي خاص، ولكنه أيضا لم يلغ اعتبارات هذه الدوائر التي يمثل كل منها حاجة معينة للناس؛ بل أعطى كلاًّ منها توجيهات تهذيبية تؤكد الفضائل وتنفي الرذائل، وبما أن الإسلام دين الله للبشر، فقد جعل قيمته الكبرى ـ وهي العبودية لله ـ حاكمة على تلك الدوائر كلها، صابغة إياها بصبغة الإسلام المتميزة، مما يجعل تلك الدوائر متآلفة فيما بينها دون تشاكس تبعا لوحدة القيم الموجهة لها.
فالانتماء الوطني لم يأخذ حقه المطلوب، ولم يؤصل في النفوس، والمسلم المتشبع بقيم دينه وروح تعاليمه لا يمكن إلا أن يكون مواطنا مسؤولا، ومتضامنا مع مواطنيه وغيورا على وطنه فمن جعل وطـنه مفصولا عن أحكام الشرع الإسلامي فقد أخطأ، ومن كان وطنه أحب إليه من الله ورسوله فقد خالف الكتاب والسنة([1]).
إن الانتماء الوطني ليس من الأمور السهلة التي يمكن أن يتساهل فيه الناس وهو لا يقتضي البراءة من المسلمين الذين هم خارج الوطن ولا يقتضي موادة من حاد الله ورسوله، ولو كان داخل الوطن.
ومع هذا الوضوح في أهمية الانتماء والحاجة إليه، يرى المتتبع غياب مظاهره في كثير من الجوانب، وضعف التمسك به في مختلف الميادين، مع شيوع التساهل فيه.
من هنا تبرز أهمية دراسة المعوقات والعقبات التي تصرف المسلمين عن انتمائهم لأوطانهم، عسى أن تتنبه لها الأنظار، و يعمل المسلمون جميعا على معالجتها ودفعها، كل في مجال تخصصه، ومن الثغر الذي يقف عليه.
ولأجل ذلك كانت هذه الدراسة "معوقات الانتماء الوطني دراسة في ضوء كتب الحديث الستة" عنوان بحثي لتسجيل رسالة الماجستير في قسم الحديث وعلومه التي تعتمد على الدليل وتسير خلفه وتقتفي أثره.
وإن مما أرجوه في هذا البحث خدمة الدين ثم البلد، مجتهدة في ذلك ومتحرية للصواب فما كان كذلك فمن الله سبحانه وله المنة والفضل، وما كان من خطأ وزلل فمني سائلة المولى أن يأخذ بأيدينا إلى ما فيه صدق القول والعمل، حتى نكون على الطريق لا نزيغ بعد إذ جاءنا الهدى، ونسأله مزيداً من عونه وستره وتوفيقه، وأن يجعلنا من أهل مرضاته في يوم يشيب لهوله الوليد. والحمد لله في الأولى والآخرة، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
 
[1]() فلسفة المواطنة، بتصرف. ص2.